مصر تحتضن ثلث آثار العالم: مؤتمر دولي بجامعة جنوب الوادي يناقش تحديات الحفاظ على الهوية التاريخية للمدن

انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي للآثار بجامعة جنوب الوادي

شهدت رحاب جامعة جنوب الوادي حدثاً علمياً بارزاً حين أزاح الدكتور أحمد عكاوي، رئيس الجامعة، الستار عن أعمال المؤتمر الدولي الثالث لكلية الآثار تحت عنوان “الآثار والتراث واستراتيجيات الحفاظ والتوثيق في ظل التطور العمراني للمدن”، والذي يستمر على مدار يومين متتاليين خلال الفترة من 25 إلى 26 فبراير الجاري.

حظي الحدث العلمي بحضور كوكبة من الشخصيات البارزة في مجال الآثار والتعليم العالي، على رأسهم الدكتور عباس منصور الذي شغل منصب رئيس الجامعة سابقاً، والدكتور محمد محجوب عزوز الرئيس السابق لجامعة الأقصر، إلى جانب الدكتور محمد وائل عبد العظيم نائب رئيس الجامعة المختص بشؤون الدراسات العليا والبحوث، والدكتور محمد سعيد نائب رئيس الجامعة لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتور محمود خضاري الذي تولى منصب نائب رئيس الجامعة في فترة سابقة.

كما ضمت قائمة الحضور الدكتور وائل بكري عميد كلية الآثار ورئيس المؤتمر، والدكتور أبو بكر عبد السلام وكيل الكلية لشؤون الدراسات العليا والبحوث ومقرر المؤتمر، بالإضافة إلى ضيف شرف المؤتمر الدكتور مصطفى وزيري الذي شغل منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار سابقاً، وحضر أيضاً السيدة طروب طلبة أمين الجامعة، والسيد عبد الرازق حسين أمين الجامعة المساعد، بجانب عمداء ووكلاء الكليات وممثلي المجلس الأعلى للآثار بمحافظة قنا.

عبّر الدكتور أحمد عكاوي في كلمته الافتتاحية عن غبطته بالمشاركة في هذا التجمع العلمي المرموق، مرحباً بالضيوف الكرام وجميع المشاركين، وأشاد بالمكانة العلمية والإدارية المتميزة للدكتور مصطفى وزيري.

وأكد عكاوي على الأهمية الاستراتيجية للمؤتمر في صون التراث، مستشهداً بمقولة “الماضي هو مفتاح الحاضر”.

ولفت رئيس الجامعة الانتباه إلى أن المؤتمر يتطرق لقضايا وأبحاث جوهرية تتعلق بحماية التراث الثقافي والمواقع الأثرية بالتوازي مع التطور العمراني سريع الوتيرة، خاصة في ظل ما يشهده العالم اليوم من تحولات عمرانية متسارعة تؤثر بصورة مباشرة على الإرث الثقافي والمواقع الأثرية، مما يستدعي تعزيز الجهود الرامية إلى توثيق وحفظ الهوية التاريخية للتجمعات الحضرية.

كما نوه عكاوي بالدور المحوري للمؤتمرات والبحث العلمي في تبادل الخبرات والرؤى والأفكار العلمية، والانفتاح على الثقافات والحضارات المختلفة، مما يسهم في نقل المعرفة والتقنية.

وأضاف أن المؤتمرات والأبحاث والنشر العلمي تلعب دوراً حيوياً في تعزيز مكانة الجامعة في التصنيفات العالمية، وفي إضفاء البعد العالمي على الجامعة، فضلاً عن تنمية قدرات المشاركين.

وشدد على ضرورة تعظيم الاستفادة ونقل الخبرات والتعلم من تجارب الآخرين من خلال فعاليات المؤتمر.

وأثنى الدكتور عكاوي على الجهود المبذولة من كلية الآثار في تجميل وتزيين الحرم الجامعي والإسهام الفعال في تنفيذ الهوية البصرية الجاذبة بالجامعة، مشيداً بالمساعي الحثيثة للكلية في إثراء العملية التعليمية وفي تنظيم هذا المؤتمر المتميز.

من جانبه، أوضح الدكتور محمد وائل نائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا والبحوث أن المؤتمر يتناول أحد أهم الموضوعات الحيوية في العصر الراهن، حيث يشهد العالم تطوراً حضارياً سريعاً تتصارع فيه حركة التوسع العمراني والتحديث، وهو ما يطرح تحديات جسيمة للحفاظ على التراث الثقافي والأثري الذي يمثل جزءاً لا يتجزأ من هويتنا الوطنية والإنسانية.

وأردف قائلاً إن العالم يسعى من جهة إلى التوسع العمراني، ومن جهة أخرى يظل التراث والآثار شاهداً حياً على تاريخنا الذي يتعين حمايته وتوثيقه للأجيال القادمة باستخدام التقنيات الحديثة مثل التصوير الرقمي والنمذجة ثلاثية الأبعاد.

وأشار إلى أن المؤتمر يستعرض أحدث الأساليب والاستراتيجيات التي تساعد في الحفاظ على التراث الثقافي والآثار.

كما أشاد بالدعم غير المحدود الذي يقدمه رئيس الجامعة لقطاع الدراسات العليا والبحوث وسائر قطاعات الجامعة.

بدوره، أعرب الدكتور وائل بكري عميد كلية الآثار ورئيس المؤتمر عن تقديره للدعم اللامحدود الذي يقدمه رئيس الجامعة لكلية الآثار وكافة كليات الجامعة، منوهاً بالنقلة النوعية الهائلة التي شهدتها جامعة جنوب الوادي تحت قيادته.

وأكد بكري على أهمية المؤتمر في ظل التغيرات العمرانية المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم والتي تؤثر بشكل مباشر على التراث الثقافي والمواقع الأثرية، مما يستدعي تعزيز جهود التوثيق والحفاظ على الهوية التاريخية للمدن.

وأضاف أن المؤتمر يمثل منصة تجمع الخبراء والباحثين وصناع القرار لمناقشة القضايا الرئيسية المتعلقة بحماية التراث واستعراض الحلول المبتكرة التي تسهم في دمجه ضمن خطط التطوير العمراني.

وأوضح أن المؤتمر يهدف إلى مناقشة أهمية الحفاظ على التراث الثقافي والآثار في ظل التطور العمراني السريع للمدن، مع التركيز على استراتيجيات توثيق هذه المواقع وصونها من التحديات المتزايدة.

وأشار إلى أن المؤتمر يسعى إلى إيجاد حلول متكاملة توازن بين حماية الهوية الثقافية والتاريخية وبين متطلبات التنمية المستدامة من خلال استعراض التجارب العالمية وتوظيف التكنولوجيا الحديثة.

ثم استعرض الدكتور وائل بكري أبرز إنجازات ومساهمات الكلية خلال العام المنصرم، حيث شاركت الكلية بأفكار إبداعية في مشروعات تحسين الهوية البصرية للجامعة من خلال المشاركة في إنشاء ميدان المسلة، وميدان ماعت الذي يفصل بين كلية التربية وكلية الآثار، وتمثال ماعت أمام مجمع المكتبات المركزية.

كما ساهم طلاب الكلية في أعمال طلاء وتزيين ميدان يقع بين كليتي الطب البيطري والزراعة، وتزيين سور مجمع المكتبات، وصنع تمثال الكاتب المصري الذي يزين مدخل مجمع المكتبات المركزية بالجامعة.

وأضاف أنه في إطار تطوير العملية التعليمية، تم تحديث اللوائح للعمل بنظام الساعات المعتمدة، وتجميل جميع اللوحات المعدنية بالكلية، فضلاً عن تطوير مكتبة الدراسات العليا وقاعة السيمنار والمؤتمرات العلمية بالكلية.

وأشار إلى فوز فريق من الطلاب بقيادة الدكتور محمد عكاشة بتمويل لمشروع ابتكاري من إدارة دعم التميز بوزارة التعليم العالي.

من جهته، تناول الدكتور أبو بكر عبد السلام وكيل الكلية لشؤون الدراسات العليا والبحوث ومقرر المؤتمر المحاور الرئيسية للمؤتمر، والتي تشمل علوم الآثار والترميم واستراتيجيات الحفاظ، ودور التكنولوجيا الحديثة في التوثيق، وتأثير السياسات العمرانية على المواقع التراثية.

وأوضح أن المؤتمر يهدف إلى تعزيز الجهود في الحفاظ على التراث والهوية التاريخية للمدن ومناقشة القضايا الرئيسية المتعلقة بحماية الآثار.

وأضاف أن المؤتمر يضم باحثين من جامعات أسوان والأقصر وجنوب الوادي وسوهاج وحلوان ودمياط من مصر، بالإضافة إلى جامعات من الجزائر والعراق والمملكة العربية السعودية.

كما أشار إلى مشاركة كليات الإعلام والتجارة والآداب والتربية الرياضية بجامعة جنوب الوادي، وكلية الآثار بجامعة أسوان، وكلية الآثار بجامعة الأقصر، والمجلس الأعلى للآثار بمحافظة قنا.

وفي ختام حفل الافتتاح، قدم الدكتور وائل بكري عميد كلية الآثار درع المؤتمر للدكتور أحمد عكاوي رئيس الجامعة، والدكتور محمد وائل عبد العظيم نائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا والبحوث، والدكتور محمد سعيد نائب رئيس الجامعة لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتور مصطفى وزيري الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للآثار وضيف شرف المؤتمر.

وعلى هامش فعاليات الافتتاح، ألقى الدكتور مصطفى وزيري ندوة بعنوان “أحدث الاكتشافات الأثرية في مصر”، حيث أشار إلى أن مصر نجحت في إبهار العالم في الآونة الأخيرة بفضل الاكتشافات الأثرية التي تمت بأيادٍ مصرية خالصة، والتي أسهمت في زيادة الجذب السياحي للبلاد.

وأكد وزيري أن الحضارة المصرية القديمة لا تزال تحتفظ بالكثير من الأسرار التي لم يتم الكشف عنها بعد، مشيراً إلى أن مصر تحتضن ثلث آثار العالم ولا تضاهيها آثار في أي مكان آخر على وجه الأرض، مضيفاً أن ما نراه فوق سطح الأرض في مصر لا يتعدى 40% مما يحويه باطنها من كنوز أثرية.

واختتم الحدث بجولة تفقدية قام بها الدكتور أحمد عكاوي رئيس الجامعة يرافقه الضيوف الكرام داخل كلية الآثار، حيث تم افتتاح معمل أبحاث التلف العضوي للآثار، ومكتبة الدراسات العليا، وقاعة السيمنار والمؤتمرات العلمية بعد الانتهاء من أعمال التطوير.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *